الخميس، 31 ديسمبر 2009

عند منتصف الليل

دفعت مجدافيْ مركب ذاكرتي الصغير بأقصى ما يمكنني، محاولاً الوصول إلى كل تلك الذكريات قبل أن تغرق في نهر ذكرياتي الذي يبز البحر في أهواله، ووجدت المساقة بيني وبين ذكرياتي تتزايد حثيثاً، فألقيت بنفسي من فوق مركبي في محاولةٍ يائسة لإنقاذ ما أود إنقاذه...

أخرجني من دوامة عقلي، وأعادني إلى واقعي؛ مرآها وهى تحمل حقيبتها، وتستعد للخروج بلا رجعة..

لم أتمالك نفسي فقمت صارخاً فيها:


- لمَ؟! لمَ فعلتِ فيَّ كل ذلك؟! لمَ منحتني كل شيء ثم سبلته مني؟! لمَ؟!


نظرتْ لا مباليةً، فهمستُ:


- لقد خفق قلبي بالحب حقاً.. لمَ تسلبينه مني قبل أن تغادري؟!


زفرتْ في ضيقٍ وقالت:


- لم أسلب منك شيئاً، أنتَ من ترك كل شيء كي يذهب وليس أنا..

- بل هي أنتِ.. ولا أحد غيرك..
- أتظن هذا حقاً؟! أأنا من عينتك في تلك الشركة الكبيرة ثم فصلتك منها؟! أأنا من جعلت أباك وأمك يتعاركان كديوكٍ شركسية؟! أجبني إن كنت تستطيع..

تساقطت دموعي وقلت:


- لكن هذه أول مرةٍ أحب بصدق، أول مرةٍ أُمنح وأمنح، أول مرةٍ أشعر أن لي كياناً، أنتِ من ضيع كل هذا مني..

- أنا؟! أنا من جعلت حبيبتك تتزوج رجلاً غيرك؟! لا ليس أنا.. ليس أنا أبداً.. أنت تلوم الشخص الخطأ..
- لكنها تعاني الآن كما أعاني، وهو لم يكن خطأها..
- ولم يكن خطأي..

عوت دقات الساعة تنعي مولد منتصف الليل، فقالت في أسى:


- تعرف أني لن أراك مرةً أخرى، لكني حقاً أتمنى لك حياةً أفضل..


نظرتُ لها في ذعرٍ وصرختُ:


- ماذا؟! لن تتركيني هكذا.. لم تعد مرآتي تعرفني.. أخبريني قبل أن تذهبي من أنا؟ وماذا أفعل؟ وما هدفي؟؟ أجيبيني..


وبهمسٍ باكياً...


- أجيبيني أرجوكِ... أرجوكِ...


تأملتني مشفقةً ولم تنبس بحرفٍ، ثم فتحَتْ النافذة حاملةً حقيبتها، وقفزَتْ.. صرختُ أناديها كي تعود وأنا أعدو نحو النافذة، ضربني هواء الليل القاتم في وجهي، فأغلقتُ النافذة كما كانت، واتجهتُ نحو النتيجة المعلقة في غرفتي، فحملتها وقد انتهت أوراقها، لأعلق واحدةً أخرى جديدةً بأوراقٍ جديدةٍ، تشير إلى بداية سنةٍ جديدة...



29 ديسمبر 2009

تلك كانت آخر سطورٍ أكتبها في العام المدعو 2009..
مُنحت الكثير في تلك السنة وفقدت الأكثر لكني حقاً فزت فوزاً عظيماً.. لن أنظر إلى النجاح والفشل السابقين ولكن سأنظر إلى الغد وأعد نفسي أن يكون كله نجاحاً ولا مكان للفشل..

2009 كنتِ سنةً جميلة..
فلترقدي في سلام!!



الجمعة، 18 ديسمبر 2009

علامات استفهام


بيقولوا مريم العذراء ظهرت من جديد في مصر ومش عارف مين يقولك ان ده دليل إن السماء بتؤيدنا.. بعيداً عن رأيي في ظهورها نفسه من عدمه.. لكن السماء هتأيدنا على إيه؟! على إننا خير شعوب الأرض بنحمل شعلة النور والكفاح والعلم والإيمان لكل الأرض؟ ولا على انتخاباتنا الحرة النزيهة المشرفة؟ ولا على مشاحناتنا والدماء والشرف اللي بيسيلوا بينا وبين حد بيكلم نفس لغتنا ويدين بنفس دينا عشان ماتش كورة؟!

سمعت عن الجدار العازل؟! أكيد سمعت زي ما سمعت عن خارطة الطريق وحرب غزة والحرب العالمية الأولى والتانية كمان.. بس سمعت بقى إن الجدار ده احنا اللي هنبنيه؟! اه وربنا احنا اللي هنبنيه زي ما بنينا الهرم ونحفرله تحت الأرض تلاتين متر زي ما حفرنا لقناة السويس.. وعلى رأي الحاج إبراهيم عيسى.. هل الحديد المستخدم حديد من بتاع عمو عز ولا حديد مستورد؟!! بس أنا مش زعلان إننا هنبني جدار نحاصر بيه غزة عشان تبقى متحاوطة من النحيتين بحجة ان ده الأمن القومي.. عارفين مش زعلان ليه؟! عشان انا واثق ان الجدار ده زي أي حاجة مصرية هيبقى مقهور يا عيني ومفستك ومخلع وابقى قابلني لو وقفله يومين على بعض.. مش بعيد يدوله حبايتين زرق يسندوه !! إنما السؤال اللي بياكلني.. هيبقوا حبايتين إيريك ولا فايركتا؟!!

عادل إمام يقولك إنه عرض ينزل موقعة ام درمان عشان يهدي الأجواء المشحونة بين مصر والجزائر في السودان..
عادل إمام يقولك إنه يقدم فناً عالمياً إنسانياً وهو لم ينل جائزة دولية واحدة توحد ربنا..
عادل إمام بيتخانق على الفضائيات مع خالد الجندي ويشتم عمرو خالد..
عادل إمام يقولك أنا لما دخلت مدرج في ندوة حضرتها ولقيت الطالبات المسيحيات بشعرهم زعلت جداً إننا بنفرق بين الطلاب وبعضيهم المفروض عشان نبقى كيان واحد منعرفش مين المسلم ومين المسيحي.. وإذا كانت المسيحية عمرها ما هتلبس حجاب يبقى المسلمة......
عادل إمام فتح قناة مخصوص لنفسه...
هو مين عادل إمام ده بقى؟!!

قال ايه بتاعة في حب مصر! ومبادرات وحمام أبيض بيطير في السما، وأغصان زيتون وأغاني وطنية وعلم مصر وعلاء مبارك وموسيقى عسكرية وأهلي واسماعيلي.. وفي وسط الماتش الجماهير تنزل شتيمة في بعضيها بالأب والأخ والخال والعم بس بالأم لأ.. عارفين ليه؟! عشان المبادرة يا جماعة دي حاجة واضحة يعني!! إنما اللي نفسي أعرفه هل ممكن نلاقي مبادرة زي دي بين أصحاب المخابز وآكلين العيش ؟!!!

آخر علامة استفهام.. هو احنا دلوقتي بقينا في السنة الهجرية رقم كام؟! الواحد بقاله زمان مش بيبص في نتيجة، ولا بيكتب التاريخ الهجري قبل الميلادي - زي ما أبلة عفاف علمتنا - على يمين الصفحة.. يا ترى حد معاه نمرة أبلة عفاف عشان أسألها هى دي السنة رقم كام؟!!



18 ديسمبر 2009

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

عصابة المليون همجي!

لا أدري ما سأكتب، فقط أنفث عن غضبي الرهيب الذي يصر على اجتياحي والاستيطان داخل عقلي مطيحاً بكل عقلانية وتمدن داخلي، هذا الغضب الذي يطل من عيون كل مصري اليوم..
لا تحدثني عن العروبة أرجوك حتى لا أبصق في وجهك، ولا تهمس لي والنبي بأن الاتحاد قوة وأن الفرقة ضعف، فقد انتهى زمن الحكماء، إنه زمن الرعاع، زمن الهمج، زمن البلطجة!!
المصريون يضربون في السعودية، لا بأس أخطئوا ويحق عليهم العقاب..
المصريون يهانون في الأردن لا مشكلة لا دية لهم..
المصريون يسبون ويضربون بالأحذية في الكويت يا راجل متحطش في دماغك كله قضا..
العلم المصري يحرق في اليمن يا سيدي فوت..
المصريون يذبحون على أراضٍ سودانية بأيدٍ جزائرية لأجل مبارة قدم...............!!!!
ليه؟؟!
نفسي أفهم ليه؟!
اليوم اكتشفت أشياءً جديدة، اكتشفت صدق كلام أصدقائي بالمؤامرات التي تحاك ضد مصر، كنت أسخر منهم وأقول دعوكم من هذه البارونيا، لكن انظر تواطؤ سوداني، وأسلحة بيضاء في أيدي همج، أقل ما يوصفون به أنهم كلاب مسعورة..
أرجوك لا تقل لي اخواننا لأني أقسم بالله لن أفعل شيئاً وقتها إلا أن أبول في وجهك، أي أخوة وأي انتماء وأي عروبة، بل وأي دين؟!!
لك أن تقول إنها عصابة المليون همجي وليست بلد المليون شهيد!
حسناً لن نتحدث كثيراً عنهم فنحن غير مسئولين عن همجية الآخرين وتخلفهم وتأخرهم الحضاري والثقافي الأقل من العالم السبعين وليس العالم الثالث، لكن دعنا نتحدث عنا..
أين نحن من كل هذا؟!
الحكومة؟ النظام؟ الأمر لا يحتاج إلى ذكاء، تخيل معي ناصر حياً، تخيل معي السادات حياً.. رحمهما الله.. لم يكونا ملاكين بالتأكيد، لكنهما على الأقل حفظا كرامة المصري.. انظر إلى معمر القذافي حين أهان مصر فأمر السادات باحتلال سماء ليبيا بالطائرات الحربية لمدة ربع ساعة كاملة، الطائرات الحربية المصرية تحوم كالنسور فوق القصر الجمهوري الليبي تأديباً لمن يفكر فقط في إهانة مصر..
أما الآن فالرئيس المرتقب يهرب في طائرته الخاصة تاركاً الشعب ( وانظر إلى الشعب الذي يحوى نجوم المجتمع!!) يتلقى الطعنات في كرامته قبل جسده!
لا أعتقد أن الحديث سيفيد، كل ما أنشده هو رد الاعتبار حتى لو أصبحت حرباً، فليطرد سفير، فليسحب سفير، فليندد حتى.. لكن هذا الصمت المهين؟! حقاً كفى!
كفى!
كفى!
حين استمعت إلى إبراهيم حسن وهو يقسم أنه لو كان هناك لكان الجزائريين يعدون أمامه لا أن يعدو هو منهم، شعرت بالفخر، شعرت بأن هناك رجالٌ فينا حقاً، وياليتك كنت هناك يا إبراهيم، كنت ثأرت لنا على الأقل.. على الأقل كنت علمتهم من الذين هزموا القرود في السادس من أكتوبر، هؤلاء السفهاء الذين يسخرون من نكسة 67..
هؤلاء المخابيل الذين يسخرون من كنانة الله في أرضه، يسخرون من أرض الأنبياء، الأرض المذكورة في القرآن، يسخرون من خير أجناد الأرض، نعم لسنا في حالٍ طيبة والإظلام يخيم على البلاد، لكن يوماً ستسطع شمس عدالة حقة، وتقدم حقيقي، وإلى أن يأتي هذا اليوم أصرخ..

إلى كل إسرائيلي يحسبنا نغفل عنه، وفرح بما حدث..
فقط لتعلم أن موعدك لم يحن بعد..

وإلى كل عربي يكره مصر..
إلى كل سوداني تواطأ مع الأوغاد..
إلى كل جزائري همجي فقد كلمة الدين وتحدث بلغة من احتلوه ونسى لغته الأصلية..
إلى كل عصابة المليون همجي القابعين في أرضٍ تدعى الخضراء..
سنظل قادتكم، سنظل فوق رؤوسكم، بعلمنا، بتحضرنا، بثقافتنا، سنظل نحن خير أجناد الأرض..
فقط طهروا قلوبكم الآثمة قليلاً من هذا الحقد الأعمى، لكن لا تنسوا أبداً أن كرامة المصري لن تذهب هدراً، وإن طال الزمان أو قصر سنستردها..
ولن تضيع أبداً!

السبت، 31 أكتوبر 2009

صفقة رابحة!



(عاطف) تعس..

نعم تعس.. رغم كل النجاح الذي يحيط به في حياته العملية والشخصية تعس..

تعس وليس طبيعياً أيضاً، يؤمن بذلك، بل ودائماً كان يتمنى أن يكون مختلفاً عن الآخرين، لكن أن يرى أشخاصاً لا يراهم أحدٌ غيره لاختلاف مبالغ فيه...

يستيقظ في الصباح – ككل يوم – يدخل الحمام فيحلق ذقنه ويغسل أسنانه ثم يقف أمام خزانة ثيابه حائراً أيرتدي البذلة السوداء، أم البنية، أم الزرقاء، أم....؟! إن كثرة ملابسه تجعله حائراً متخبطاً في اختياره، كل يوم يقف نفس الوقفة في نفس المكان يداعب شعر رأسه قليلاً، ثم يفتح أجندته الخاصة ويقرأ ما فيها، وعلى هذا الأساس يقرر...

اليوم لديه موعد مهم مع السيد المحافظ، إذا سيرتدي البذلة السوداء الرسمية، ولا مانع من نظارة الشمس الذهبية أيضاً فهى تمنحه رونقاً خاصاً يؤمن أنه جديرٌ به...

ينزل من فيلته الفاخرة، يركب سيارته الفخمة، يشير إلى السائق بالانطلاق، ولا ينسى قبل أن يخرج من حديقة الفيلا أن يلقي نظرة على هؤلاء الأطفال الذين يمرحون فيها، ثم يسأل السائق نفس السؤال الذي يسأله إياه كل يوم:

- أترى هؤلاء الأطفال؟!

السائق ينظر له في مرآة السيارة ويقول نفس الإجابة التي يقولها كل يوم:

- أقسم لك يا سيدي أن الحديقة خالية...

ينظر له (عاطف) طويلاً ككل يوم ثم يقول في هدوء عصبي:

- لا عليك...

لا يعلق السائق كعادته ويحمد الله كثيراً على نعمة الفقر وأنه ليس غنياً فها هو يرى ما فعله الغنى بهذا الرجل.. لقد جُن تماماً...

يصلا إلى شركة فخمة للمقاولات ويترجل (عاطف) من سيارته في عصبية، ثم يشير إلى السائق إشارة مبهمة يفهمها الأخير على أنها: انتظرني هنا...

"أصبح شديد العصبية! "... هكذا يصف الموظفون في الشركة (عاطف)، منهم من يعتقد أنه نظراً لمشاغله الكثيرة أصابته العصبية، ومنهم من يظن أن هذا يعود لكبر سنه، ومنهم من يؤمن أنها طبيعته الشخصية التي كان يخفيها، ومنهم من يحسب أنه لابد أن يكون المدير عصبياً حتى يكون مديراً ناجحاً!...

لا يدري (عاطف) بما يدور في رؤوسهم – وإن كان يتوقعه – وهو يتجه نحو المصعد فيضغط على زر الطابق الأخير...

وأثناء صعوده يفكر في عصبيته الشديدة..

هو لم يكن عصبياً منذ أربعة أشهر بالتحديد، كانت حياته مستقرة تماماً وزوجته في شهرها التاسع وتوشك على الإنجاب، ويتوقع صفقة رابحة ستدر عليه الملايين، وينتظر أخاه العائد من أوروبا بعدما أنهى منحته الدراسية، ذلك الأخ الذي طالما اعتبره ابنه...

فقط أربعة شهور غيَّروا كل حياته...

يصل به المصعد إلى الطابق المنشود، فيخرج منه متثاقلاً مهموماً، يدخل إلى مكتبه فتذكره السكرتيرة بموعده مع المحافظ، يومئ لها ليخبرها أنه متذكر لكنها لا تلاحظه وتبدأ في الحديث عن مواعيده وعن المشكلات التي تحتاج إلى إطلاعه أو إمضاءه...

ينظر لها طويلاً في خواء، ثم يطلب منها الانصراف في هدوء، هى أيضاً تلاحظ اختلافه وتغيره، إنه لم يعد ذلك المهندس النشيط صاحب شركة المقاولات المشهورة، فجأة أصبح مختلفاً كأنما زاد عمره ألف عام!...

تقتل أفكارها وتدفنها في مقابر عقلها قبل أن تخرج من المكتب في هدوء وتتركه لنفسه يحادثها...

ينتظر قليلاً بعد خروجها، ثم يقوم من فوق كرسيه ويشبك كفيه خلف ظهره ويقف قليلاً أمام اللافتة التي كُتب عليها بخط أنيق: مهندس/ عاطف سليمان رئيس مجلس الإدارة...

يتذكر كيف أصبح مديراً وهو لم يكن سوى مهندساً بسيطاً، ويتذكر كيف كون ثروته في خبطة واحدة، هو لم يعرف الحظ يوماً، لكنه يؤمن أن كل شيء بقدر حتى القتل!...

يتحرك نحو نافذة المكتب الواسعة ويتأمل السماء قليلاً من خلف الزجاج الشفاف، ينظر نحو البيوت الكثيرة المليئة بالحياة، ثم يلمح أشخاصاً وراءه فيلتفت إليهم في هدوء...

لقد اعتاد رؤيتهم، منذ أربعة شهور وهو يراهم...

أربع أسر كاملة... الأطفال يمرحون، والآباء يمزحون، والأمهات يثرثرن...

أربع أسر عادية جداً كأي أربع أسر، لا يصرخون مثلاً، أو يقلبون الموائد، أو يظهرون للأطفال فقط كما يحدث في الأفلام...

يتحرك وسطهم في هدوء، هل هذا هناك ابنه؟! نعم هو ابنه والأطفال يحاصرونه ويلقون فوقه الحصى، وهذه زوجته تحاصرها السيدات ويشدوا شعرها ويمزقوا ثيابها، وهذا أخيه يُضرب بالأقدام والأيدي والأحذية من الرجال الذين فقدوا مرحهم وأصبحوا الغضب متجسداً...

يمسك (عاطف) رأسه متألماً لما يرى، ويشعر بصداع شديد، ثم ينتفض حين يسمع صوت الهاتف الداخلي يرن....

تختفي كل تلك الخيالات التي كان يراها من أمام عينيه، ثم يذهب إلى الهاتف فيرفع سماعته ليسمع صوت السكرتيرة تخبره بأنه حان وقت الذهاب إلى ميعاد المحافظ....

***
- إن كل شيء ضدك.. صدقني لقد فعلت كل ما بوسعي...
- إذاً لا مفر؟
- لا أعتقد أن هناك واحداً، أنت تعلم أني متورط معك في الأمر، وأنهم يطاردوني كما يطاردوك.. لكن ما بيدي حيلة أنا الأخر...

يستمع إلى كلمات المحافظ التي قالها همساً، ويفكر فيها قليلاً...

نعم.. هو الوحيد الذي يراهم مثله!..

يُخرجه من هذيانه صوت المحافظ وهو يقول:

- حاول أن تتجاهل وجودهم، وأن تجد محامياً بارعاً...

ينظر له في صمت بعد أن أنهى كلماته، ثم يراقبه وهو يقوم ليتجه نحو المنصة الرئيسية ويبدأ في ترتيل خطبته الحماسية المليئة بحب الوطن...

يسمع أصوات خلفه فيلتفت ليرى الأسر الأربع تقف تنظر له وعيونهم تلمع بغضب لا مثيل له، يتأملهم قليلاً ثم يعود ببصره إلى المنصة ليستمع إلى كلام المحافظ الأجوف، يقرر أن يغادر فلا يجد أحداً يمنعه، يتجه إلى سيارته ويشير إلى السائق بالتوجه إلى المنزل...

تنطلق به السيارة وهو يفكر في ما سمعه من المحافظ، إنه الآن في موضع شك كبير، لقد انكشفت الحقائق كلها، ولم يعد أمامه مفر...

يتذكر عندما كان مهندساً بسيطاً وجاءه ذلك المحافظ – قبل أن يكون محافظاً – واتفق معه على صفقة وجدها رابحة للغاية...

إنها قطعة أرض خالية، وهى ملكٌ للدولة، يفكر ذلك الرجل في طريقة تدر عليه مالاً دون تعب فلا يجد أفضل من تلك الطريقة: سيقدم طلب بناء عمارة فوق تلك الأرض لتسكين ضحايا الزلازل...

بعد وقت طويل جاءته الموافقة وكان عليه اختيار المهندس و.. و.. إلخ...

ووقع اختياره على (عاطف)...

تصل السيارة إلى الفيلا، فتفتح أمامها الأبواب قبل أن تسير قليلاً في الطريق المخصص لها ثم تتوقف تماماً..

يترجل (عاطف) منها ويسير قليلاً فوق حشائش الحديقة وهو ينظر نحوها، يركل حصوة هنا وهناك قبل أن يرفع رأسه ليتأمل الأطفال الذين يمرحون، والآباء الذين يمزحون، والأمهات اللاتي يثرثرن....

فجأة يلتفتون نحوه وتلمع عيونهم بغضب شديد فينظر مرة أخرى إلى الحشائش ويسير متجهاً إلى الفيلا، يدخلها وهو يشعر بالوحدة تجثم على صدره...

ينظر إلى صورته مع زوجته ويتذكر...

بعد أن اختاره ذلك الرجل طلب منه الغش في الأسمنت وغيره من مكونات البناء، وأقسم له أنه لا أحد سيلاحظ ذلك النقص...

أدار الأمر في رأسه، وبعد تفكير عميق وافق، وبدأ البناء...

ارتفعت العمارة أربعة أدوار كاملة، وبعد أن كانت للمتضررين من الزلازل، أصبحت لمن يملك واسطة كبيرة، وسكن فيها بالفعل أربع أسر، لكنه لم يهتم كثيراً بمن سكن ومن سيسكن، هو فقط اهتم بالنقود...

كان يعلم هو والمحافظ أن العمارة لن تستمر طويلاً، لكن عندما ستقع سيكون بشراً ماتوا، وبشراً ولدوا، ولن يتذكر أحد شيء عنهم بعدها...

ولأن المال يصنع المعجزات، ولأن (عاطف) قرر اتخاذ طريق الفساد، فقد أصبح مديراً للشركة بسرعة رهيبة ودون مجهود يُذكر، كما أن علاقته بذلك الرجل – الذي أصبح محافظاً بنفس الطريقة – كانت تخدمه كثيراً...

وبقى الأمر سراً بينهما لم يشركوا فيه ثالث...

ثم خر البيت ساقطاً منذ أربعة شهور بالضبط.. ومعه بدأت الخيالات المريضة تزوره..

لم يدرك لمَ لا يراهم أحدٌ غيره، لكنه أدرك أنهم بالتأكيد سبب ما حدث له من كوارث..

يتذكر...

امرأته في المستشفى بين يدي الطبيب، صرخاتها تصم الآذان وتوقظ الموتى من سباتهم، أناتها تحطم القلوب، والأسر الأربع تشاهد من بعيد...

كان يرتجف، وعرقه البارد أخذ يتصبب غريزاً على رأسه، وهلعه من هؤلاء الذين يراهم، وخوفه على زوجته.. شلّا تفكيره، ثمً خرج له الطبيب بوجه مكفهر ليخبره بالصاعقة... لقد فشلت الجراحة ومات الاثنين.. الأم والجنين....

يتذكر...

وقوفه في المطار ينتظر أخاه، حين أتاه الخبر بغرق الطائرة في البحر...

يتذكر...

الرسالة التي وصلته لتخبره أن الشركة فقدت أهم صفقة في تاريخها...

يتذكر ما حدث منذ أربعة شهور...

الآن هو وحيد، وكل ما بناه على وشك أن يسقط، كما سقط ذلك البيت..

قريباً ستنكشف الحقائق كلها، ويدرك الناس بالمجرمَين، وساعتها سيشمت فيهما الكثيرون ولن يكون عقابهما سهلاً أبداً...

الأسر الأربع تشاهده وهو يفكر ومازالت غاضبة...

يتجاهل وجودهم ويحاول أن يفكر في حلٍ ما لتلك المشكلة، لكنه يفشل، فيقرر الاتصال بالمحافظ ليحادثه قليلاً فيأتيه خبر موته.. يحاول أن يتساءل عن كيفية موته لكن المفاجأة ألجمت لسانه فأفقدته القدرة على النطق...

يغلق الهاتف دون كلمةٍ أخرى، ثم يتجه نحو خزانته في هدوء.. يفتحها.. يخرج مسدسه المرخص.. يتأكد من حشوه.. يرفعه نحو رأسه...

ينظر نحو الأسر الأربعة فيراهم سعداء ينظرون له بابتسامةٍ واسعةٍ مسرورين لما سيفعله كأنما يشاهدون فيلماً هزليلاً...

يظل يتأملهم وسبابته تقترب من الزناد، يقتربون منه أكثر....

وحين دوى صوت الرصاصة...

اختفوا!!



كُتبت المسكينة في 4 مارس 2009
أنا :)

السبت، 19 سبتمبر 2009

في الهوا

خرج من النافذة في بطء حذر، تعالى الصياح من أعلى وأسفل " استر يا رب " " لا إله إلا الله "، كان يعرق...


أمسك أعصابه بقبضة حديدية، وتمسك بذلك الحبل الغليظ، وهو يلقي نظرة خاطفة على ذلك الارتفاع الشاهق، يا الله لا يمكن أن يسقط اليوم.. إن العيد على الأبواب ولا يريد أن يقضيه في التراب..


برأسه أومأ للرجل الواقف في النافذة، فأرخى نحوه حزاماً غليظاً في نهايته خطاف، بيدٍ واحدة أخذ يثبت الخطاف بإحدى عقد الحبل، يده الأخرى تتشبث بحافة النافذة..


يخبرونه أن يتمهل، لكنه لا يحتاج إلى نصائحهم، ليست المرة الأولى، لكنها قد تكون الأخيرة، نظر إلى الرجل الواقف في النافذة مرة أخرى، قال له بصوت خفيض:


- لو جرالي حاجة.. خد بالك من ولادي..


ثم بدأ عمله، تدلى فوق الحبل ليبتعد عن النافذة، بمطرقته يكسر تلك الماسورة الغليظة الصدئة ويركب أخرى جديدة في حنكة، كل هذا وهو معلق في الهواء..


فقد تركيزه للحظة..


المطرقة تهوى عليه من أعلى تكاد تهشم رأسه، الخطاف ينزلق من عقدة الحبل نتيجة لحركته المباغتة، رأسه لأسفل وقدمه لأعلى وأصابعه تقبض على آخر الحبل كآخر أمل لديه في النجاة..


دنا الموت من شفتيه يود تقبيلهما..


رأى صورة أولاده يبكون، امرأته تولول عليه، تصرخ، تصرخ..


عاد إلى واقعه وزاد تشبثه وهم يرفعونه ببطء وتوتر بلا حدود، وصل إلى النافذة من جديد، زفر بالشهادة ومسح عرقه، ثبَّت الخطاف مرةً أخرى، تدلى وهم يصيحون به أن يتمهل، لكنه لا يحتاج إلى نصائحهم..


إنها ليست المرة الأولى..


وقد عزم ألا تكون الأخيرة....




17 سبتمبر 2009



الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

الرحلة - حلقة رعب


أصدرت دار رواية للنشر الالكتروني روايتي الرحلة بالأمس..

وهى تتحدث عن سبعة ركاب تعطلت سيارتهم البيجو على الطريق الصحراوي.. ترى ماذا سيحدث؟!

لمن يهمه أن يعرف يمكنه أن يدون الرواية من هنا


http://www.dar-rewaya.com/vb/showthread.php?t=249

أو هنا مباشرة


http://www.4shared.com/file/127414908/6c85c2ec/_online.html


هناك المزيد والمزيد من القصص والروايات الممتعة والتي يكتبها كتاب شباب مثلي ومثلكم ويحتاجون إلى أرائنا جميعاً
أعدكم أن تجدوا العديد من الموهبين هناك فقط أطلوا على موقع دار رواية


http://www.dar-rewaya.com/

وهنا أيضاً جروب الدار على الفيس لمن أراد منكم الانضمام :)


http://www.facebook.com/groups.php?ref=sb#/group.php?gid=41385681402

ورمضان كريم :)

منتظر أراءكم :)




السبت، 22 أغسطس 2009

نداء فانوس!


إنه رمضان حيث ينتعش عملي كثيراً، لم يعد العمل رائجاً كما كان بالماضي، لكنه ما زال مربحاً كذلك..


أرى ذلك الطفل الصغير وأنا منغمس في عملي الدقيق، ألمح عينيه الصغيرتين تلمعان نحو فانوس من المعلقين في الدكان، يشير إلى والده الذي يستجيب له مرغماً، فأقوم لأُنزل الفانوس من مكانه وأمنحه إياه بابتسامة، يفاصل معي الأب في السعر قليلاً، لكني كنت أحتاط لذلك...


أحضر خشباً جديداً من المخزن، أخرج قطعة كبيرة لكني أشعر أن لها ملمساً غريباً، إن تلك القطعة لم أرها ولم أتعامل مع مثلها من قبل!!


أنادي على مساعدي ثم أسأله: - من أين أحضرتم هذا الخشب؟!


يبتسم ابتسامة واسعة خبيثة (فهلوية) ويقول: - كان رجلاً يمر حاملاً إياها مع بعض (الكراكيب) القديمة، اشتريتها بجنيهين فقط، وكان الرجل سعيداً جداً بهما كأنما أعطيته ألف جنيه!!


أشرت له أن يذهب، سواء كان ملمسها غريباً أو كان ملمسها كملمس الحرير فإنني سأصنع منها فانوساً يأتي برزق لي ولأولادي..


أُحضر المنشار والأدوات كلها جواري، وأبدأ في العمل، ولا أدري لمَ كل هذه المتعة التي أشعر بها وأنا أخرط الخشب وأشكله، إنها ليست أول مرة أصنع فيها فانوساً!!


ألمح بطرف عيني طفلاً صغيراً تلمع عيناه على أحد الفوانيس المعلقة، ثم يشير إلى والده في إلحاح ورجاء، فيقترب والده مني لكني أقوم غاضباً وأصرخ: - لا نبيع هيا.. اذهبوا من هنا.. لا نبيع...


اندهش الرجل والحق يقال، لكنه غادر المكان كما لو كنت صفعته على قفاه، لا أدري ما الذي أصابني، أُغلق أبواب المحل كلها ونوافذه، ثم أعود بكل جوارحي لأكمل العمل في قطعة الخشب الغريبة تلك...


لا أدري هل أسمع أصوات تحدثني، أم أنني أتوهم؟! هل هذا صراخ أم أنني أرهقت نفسي في العمل؟! على كل حال لا يهم.. لأنهي هذا الفانوس وأعود لأستريح في البيت..


أنهيت تصميم الفانوس ولونته وزخرفته جيداً، ونظرت إلى الساعة لأجد سبع ساعات كاملة قد مرت، يا الله!! إن أصعب الفوانيس يأخذ مني بالكاد ساعتين، كيف مرت علىًّ سبع ساعات دون أن أشعر؟!


وقفت أمام الفانوس أتأمله.. حقاً شكله غريب، وملمسه أغرب، إنني لم أعتد أن أصمم الفوانيس بهذا الشكل، كما لو أن هناك من سخرني لأصنع له ذلك الفانوس!!


أقف أمامه ما زلت أتأمله، كأنما يأخذني إلى عوالم أخرى، عماليق، أقزام، دخان أبيض، وصراخ!!


أقترب منه وقد بدا لعيني ضخماً مهيباً، أفتح الباب الذي نمرر من خلاله الشمعة، ثم أدخل عبره و.....


انغلق الباب ورائي...


***


دخل المساعد بعدما طرق على الباب كثيراً، تساءل عن سيده ثم جال في خاطره أنه قد عاد إلى البيت، فتح أبواب المحل في بساطة اعتادها، لمح ذلك الفانوس الغريب الشكل، أطلق صفير إعجاب، ثم حمله وعلقه مع الفوانيس المعلقة...


مرَّ طفل صغير لمعت عيناه الصغيرتان نحو ذلك الفانوس الغريب، نظر إلى أبيه في رجاء، مرغماً اقترب الأب من المساعد ليشتري الفانوس، وحاول أن يفاصل معه كثيراً في السعر، لكن المساعد كان يحتاط لذلك...


إن أحداً لا يخدعه أبداً!!


***


- ألا تلاحظين أن الولد يُضيع الكثير من الوقت أمام ذلك الفانوس؟!

- يا حبيبي لا تهول الأمور، إنه طفل.. دعه يلهو...


ثم أغلقَتْ الأنوار وخلدت وزوجها في نومٍ عميق، وتركا طفلهما ما زال يرمق ذلك الفانوس غريب الشكل...


الليل جنا وهدأت الأصوات، وبدا لعيني الصغير أن الفانوس ضخماً كبيراً مهولاً كقصر منيف، وصوت ما بداخله يناديه كي يدخل...


فتح الباب ودخل في هدوء، ولم يشعر بالباب وهو ينغلق وراءه...



تمت

لو تلاحظون هناك جزءاً مكتوباً بالأبيض ثم هناك جزء صغير بالأحمر..

حين أنهيت القصة كانت النهاية مع نهاية الجزء الأبيض، لكن بعد نقاش طال مع أختي - التي لم ترضها تلك النهاية - قمت بإضافة ذلك الجزء المكتوب بالأحمر..

تُرى هل نهاية القصة بانتهاء الجزء المكتوب بالأبيض أفضل؟ أم إضافة الجزء الأحمر إلى ذلك الجزء الأبيض؟!

منتظر آرائكم...

ورمضان كريم...


22 أغسطس 2009

1 رمضان 1430

السبت، 15 أغسطس 2009

محمد عبد الرحيم الغرباوي!


انطلقت تلك السيارة المسرعة، في ذلك الشارع المزدحم، وكادت أن تصطدم أحد المارة وهى تندفع صاعدةً فوق الرصيف الضيق نوعاً، فتسير بإطاريَّ الجانب الأيمن على الرصيف، على حين تسير بالجانب الأيسر على الطريق..


كان السائق مجنوناً بكل تأكيد، يقود سيارته بسرعة خرافية محطماً كل ما يأتي في طريقه، ووراءه تزأر قافلة من سيارات الشرطة بعويلها المميز..


نظر في مرآته الداخلية، وجدهم يُعدون أسلحتهم النارية.. وقبل أن يتخذ عدته أو يستعد، انطلقت الرصاصات تمطره بلا هوادة أو رحمة..


خلا الطريق أو كاد، وسيطرت الشرطة على الموقف تماماً، وأخذت تطلق رصاصاتها في سخاء..


انحنى برأسه متفاديا ذلك الكم الهائل من الرصاصات، وأدار الأمر في عقله، فوجد أنه لا مفر إلا ذلك الكوبري المزدحم..


وقبل أن يدور إلى اليمين، أطلق الطريق صرخته.. لقد انفجر أحد الإطارات.. كان وضع السيارة لا يسمح بأي مناورة لإنقاذها من الانقلاب على الطريق..


حاول أن يسيطر على السيارة، لكن لم يكن هناك مفر من الانقلاب..


انقلبت السيارة على جانبها الأيسر، وأطلقت سيارات الشرطة صرخات احتجاج على الوقوف المفاجئ في عرض الطريق..


كانت النيران تشتعل في مقدمة السيارة، والدماء تنزل على عينيه فتصيبه بغشاوة، وفجوة سوداء تتسع أمام عينيه، وتجبره على الغوص فيها..


وأمامه مرَّ شريط طويل من الذكريات..


" خلاص.. يبقى نسميه محمد.. محمد عبد الرحيم الغرباوي.. اسم جميل "


" بابا.. متسبنيش يا بابا.. سيبوا بابا يا كلاب.."


" ولا الضآلين.. آمين.. متقلقش يا بابا.. أنا هنتقم لك "


" أرجوك يا محمد يا بني متضيعش نفسك.."


" أنتم قتلتم أبويا قدام عينيا.. تفتكر ليك حق تطلب مني الرحمة "


كل هذا مرّ أمام عينيه، وقبضات رجال الشرطة تنقض عليه، لتحمله من السيارة قبل انفجارها، وتضعه في سيارة الشرطة، لتنطلق به إلى حيث يواجه مصيره..


جالساً وحده في السيارة تذكر..


" أرجوك ارحمني .. سأعطيك مالاً يكفي أهل الأرض جميعاً "


" إخرس.. لقد حرمتني من أبي.. ولن أغفر لك أبداً "


" أبوك كان أحمق، لقد عرضت عليه مليون جنيه.. لكنه كان أحمقاً.. ظن أن الشرف سينفــ..."


لم يكملها.. لم يسمح له.. قطع رأسه، قبل أن يتمها، وانحنى عليه وقال :


- نم في سلام يا والدي.. فقد أخذت بثأرك..


أراد أن يهرب.. لكن الشرطة كانت تراقب ذلك الوغد ورأت كل ما حدث..


كان سيهرب من يديه، ويقع في أيدي الشرطة..


ولكن أين كانت الشرطة حين قتل والده أمام عينيه؟؟


من قتل يُقتل..


وبنفس هذا المبدأ..


سيرتدي البذله الحمراء....



21 أغسطس 2008

مع خالص الاعتذار لكل محمد عبد الرحيم الغرباوي.. فأنا لم أقصدك بتاتاً!!

صحيح متنسوش ترشحوني في المسابقات اللي انتم شايفنها على الجنب دي :))

رمضان كريم


الأربعاء، 12 أغسطس 2009

نظرة وداع!


دموعها الفضية التي تغرق وجهها كانت تحجب عنها رؤيته وهو يسير أمامها دون أن يراها...


أرادت أن تنادي عليه بصوتها الحاني، لكن صوتها لم يعد ملكها، هرب منها حزيناً باكياً، انهارت حيث هى وسقطت على الأرض، رفعت يدها محاولة أن تصل إليه لكنه كان كالسراب...


بقت حيث هى لحظات، ورفعت عينيها إلى القمر، همست له:


- احرسه أيها القمر!!


ثم هدأت نفسها، وقامت.. قدماها تعبران فوق العشب دون أن تطئاه، ترتفع إلى السماء، تلقي نظرة وداع على حبيبها الذي جاء يلقي السلام على قبرها، وتهمس:


- سأنتظرك!!




السطر الملون بالأحمر كتبه دكتور محمد الدسوقي

الأحد، 2 أغسطس 2009

حديثٌ مع القمْر


هى ليست قصة تماماً، قد تقترب من الخواطر، وقد تبتعد لكنها كلماتي على كل حال!!

-------


حديثٌ مع القمْر


- ألا أيها القمر الساطع في السماء.. أخبرني... أرأيت يوماً في حسنها؟!.. أرأيت يوماً في رقتها؟! أخبرني.. أيوماً رأيت؟

يصمت القمر ولا يرد..

- كيف ترد علىَّ وأنت لم تذق مرارة الشوق يوماً؟ كيف تجيبني عن عذابٍ لم يجافك النوم لأجله ليلاً؟
- أتظنني لم أحب؟!
- نعم.. أظنك..
- ولمَ تظنني أسهر ليلي إذاً؟!
- ....................!!!!
- لقد سقطت في الحب يا صديقي..
- ومن أحببت؟!!
- من تحب........


***

- هى ليست منكم.. أنتم لم تروها حين تطير.. لم تسمعوا همسها بالليل حين تشدو.. لم تروا أجنحتها البيضاء تخفق وسط السحاب... لم تعوا هذا ولن تعوه أبداً...
- أخبرني بالمزيد...
- هى قبلكم.. كانت هنا جواري.. كانت شمسي المضيئة.. مائي.. هوائي.. كل شيء في حياتي.. لم أعشق يوماً كما عشقتها.. لكني أحمق يا صديقي.. أحمق...
- كيف هذا؟!
- حين كانت هنا.. غارت الشمس منها.. فحرمتني من الضوء.. توسلت إليها لكنها أقسمت أنها لن تمنحني ضوءاً إلا برحيلها... لم أدرِ ماذا أفعل.. أخبرت ملاكي..

يسكت القمر قليلاً ثم يكمل:

- وقفت ترمقني ولم تقل شيئاً لكن نظراتها كانت بليغة حقاً: أأنا أم الشمس يا قمر؟
- وماذا اخترت يا تعس؟!
- ماذا تظن؟! لقد اخترت التعاسة والوحدة.. ودعتني ونزلت إلى الأرض.. ويا لحظكم أيها البشر أنها بينكم!!.. أبيت ليلي كل يوم أبحث عن نورها بين وجوهكم المظلمة.. وحين وجدتها وجدتك تصرخ من اللوعة...
- أبك كل هذا يا قمر؟! وأنا الذي ظننتك جامد كحجر...
- حتى الأحجار تشعر يا صديقي...
- وما أفعل يا قمر؟ أنا لست نجماً ولا ملاكاً كي أكون لها.. أخبرني...
- صدقني لا أدري... لكن أخبرني أنت.. كيف يعقل بك أن تحب من أحبها القمر؟!!!




3 يونيو 2009

الخميس، 23 يوليو 2009

حب جيلاتيني!!!


- معلش يا (حيِّزَر) يا أخويا.. أنت عارف مليش غيرك..

- هتوديني في داهية أنت يا (محدود)...

- معلش هم تلت دقايق بس... أصلها وحشاني أوي يا (حيِّزَر)...

- أنت تقعد تحب يا أخويا واحنا نقف في عز البرد...

- معلش بقى الأصحاب لبعضيهم...

- ماشي أما نشوف أخرتها، وهاخد كام على العملية دي؟

- عشر أنياب كويس؟!


أومأ (حيِّزَر) برأسه، ثم سارا معاً تجاه كهف عتيق...


وعند البوابة تلفتا حولهما قليلاً، ثم اتجه (محدود) في سرعة ليصعد، وقبل أن يعبر أول درجة في السلم التفت إلى (حيِّزَر) وقال:


- متنساش كلمة السر: رش الميه على الخشخاش، وانشر نفسك كالخفاش...


أومأ (حيِّزَر) برأسه في ثقة، فصعد (محدود) متوجساً...


***


وصل (محدود) إلى الدور المنشود، وقف أمام باب الكهف الوحيد فيه، عدل من هندامه، ثم... طق.. طق طق.. طق.. طق طق....


على الفور أطل من خلف الباب وجه شاحب، كانت (براكسا) محبوبته، تأمل عينيها الناعستين، والأشياء القذرة التي تغطيهما، وقال بابتسامة حانية:


- أنتي لسه صاحية من النوم؟!

- أيوه يا حبيبي...

- بتبقي شبه الشياطين يا حبيبتي حتى وأنتي صاحية من النوم...


ابتسمت (براكسا) في حياء، واصفرت وجنتاها علامة الخجل، فابتسم (محدود) وقال:


- أنا عارف إن أبوكي (نابوري) مش هنا، وأنتي وحشتيني قلت لازم أجي أشوفك...


ضحكت (براكسا) وقالت في دلال:


- يا مجنون.. كل ده عشاني؟


على الفور أخرج (محدود) من جيبه شيئاً جيلاتينياً وهو يقول:


- مش بس كده... جايبلك معايا أمعاء بشري عشان ناكلها سوا...


ثم وضع الشيء الجيلاتيني في فمه، وهو يشير إليها، ابتسمت وقالت:


- بجد ده أكتر حاجة رومانسية حد عملهالي في حياتي...


ثم قربت فمها من فمه كي تشاركه قطعة الجيلاتين، وحين اقتربت شفاهه من شفتيها وخفق قلبه انفعالاً؛ سمعا جلبة بالأسفل ثم تعالى صوت (حيِّزَر) يصرخ:


- فشش فشاااااااش... كرفش كرفااااااااش!!!!


***


ولكن لمَ صرخ (حيِّزَر)؟!!!


لنعود إلى دقائق مضت.....


***


وقف (حيِّزَر) حانقاً بعدما صعد (محدود)، أخذ يهز قدميه في عصبية، ثم أشعل سيجارة بعد معاناة، الجو عاصف، والهواء يحول دون إشعاله لعود الكبريت سيء الصنع، بالكاد استطاع أن يشعل السيجارة، ثم استنشق من دخانها نفحة كبيرة متخيلاً أن ذلك يمنحه بعض الدفء في ذلك الزمهرير، ضم ياقتي معطفه وتمتم في ضيق:


- يقطع الأصحاب على المذئوبين على الحب وسنينه السودة في يوم واحد!!


ثم أخرج الدخان ونفخ في يده واستطرد:


- ما أنا أهو! اجوزت من غير حب ولا عبط من ده.. قال حب قال... وكل يوم يروح يقطفلها جيلاتيناية.. هأو!!


مشى قليلاً حول الكهف، وحين وصل إلى بابه من جديد لمح مستذئب عجوز يقترب في سرعة، التفت إليه ليجده (نابوري) والد (براكسا)....


(نابوري) ينظر في ساعته ليجد منتصف الليل اقترب فيقول في غضب مستعر:


- بتعمل إيه هنا ياض أنت؟!


(حيِّزَر) يبتلع ريقه في توتر ولا يرد، ويحاول أن يتذكر كلمة السر في سرعة كي يصرخ بها وقد ألجمته المفاجأة، لكن (نابوري) لا يمهله ويمسك بتلابيبه ويقول:


- مش أنت صاحب المتنيل على عينه اللي عايز يخطب البت (براكسا)؟! أيوه أنت.. أنا فاكرك كويس.. شكلك محرمتش من العلقة اللي فاتت...


ثم يضم قبضته أمام وجه (حيِّزَر) ويصرخ:


- اوعى يكون صاحبك الـ (... حذفته الرقابة ... ) بيحوم هنا...


أخذ (حيِّزَر) يحاول تذكر كلمة السر اللعينة دون جدوى، ظلت تحلق في عقله مبهمة غامضة، لكن قبضة (نابوري) العاتية حين ارتطمت بوجهه جعلته يتذكر ويصرخ:


- فشش فشاااااااااش... كرفش كرفاااااااش!!!


نظر له (نابوري) بعينين حمراوين وصرخ:


- وكمان بتشتم يا ( ... حذفته الرقابة ... ) يا ابن الــ ( ... حذفته الرقابة ... ).. طب وحياة أمك ما أنا سايبك...


فزع (حيِّزَر) وقال في لهجة حاول أن يجعلها قوية:


- متجبش سيرة أمي...

- هتعمل فيها راجل يا ابن الـ ( ... حذفته الرقابة ... )


وعلى الفور، اتجهت قبضته لتحطم أنف (حيِّزَر) المسكين، ثم توالت المطارق فوق باقي وجهه، حتى تهشم تهشيماً وفي ثورة صرخ فيه (نابوري):


- انطق بتعمل هنا إيه؟!

- أنــ... أنا... مستـ... مستني... (محدود)....


اتسعت عينا (نابوري) غضباً فوق غضب وقال:


- يعني الـ (... حذفته الرقابة ... ) التاني هنا.. طب قدامي يا ابن الـ ( ... حذفته الرقابة ... )....


واتجها إلى السلم ليصعدا.....


***


بعدما سمع (محدود) صراخ (حيِّزَر) أخذ يضحك ساخراً، ويقول:


- بيقول إيه العبيط ده؟!!


ضحكت (براكسا) وقالت:


- هو اللي بيصرخ ده صاحبك؟!

- آه.. جبته معايا عشان لو أبوكي جه ينده عليا عشان أهرب...


ثم نظر لها نظرة ذات معنى وقال:


- كنا بنقول إيه؟!


ضحكت ضحكة مائعة وقالت:


- مكناش بنقول حاجة...


اقترب منها ليقبلها واقتربت منه وهى تقول في دلال:


- مش لما نجوز الأول؟!!


هم بالرد عليها وهو يقترب من شفتيها لكن صوت (نابوري) العجوز اخترق أذانهما وهو يصرخ:


- وليه هتستنوا كل ده؟! لا بوسوا بوسوا حرام تستنوا لما تتجوزوا برضه...


صرخت (براكسا) وقالت:


- مليش دعوة والله يا بابا، هو اللي غواني وجابلي جيلاتين بطعم الأمعاء البشرية...

- كمان جيلاتين!! وأمعاء بشرية!! نهار أبوك أسود...

- بالهداوة بس يا عمي، احنا لسه معملناش حاجة غلط...

- وأنا هستنى لما تعملوا يا ( ... حذفته الرقابة ... ) وحياة أمك لناتفلك شعرك شعرة شعرة إنت وصاحبك ده...


غمغم (حيِّزَر) وهو بالكاد يستطيع الاحتفاظ بوعيه:


- يحرق صاحبه على اليوم اللي عرفه فيه...


وكانت معركة من طرف واحد....


***


في المستشفى...


جلس الاثنان أمام مومياء تضمد جراحهما...


(محدود): - أدي أخرة اللي يعتمد عليك...

(حيِّزَر) : - أنا قعدت أصرخ بكلمة السر أنت اللي عملتلي فيها عادل إمام ولازم تبوس...

(محدود): - هو اللي أنت قلته ده كلمة سر أصلاً؟! أنا قلت أنت بتحزق في حمام!!

(حيِّزَر) : - يعني دي أخرتها يا واطي...

(محدود): - يا عم اتنيل...

(حيِّزَر) : - خلاصة الكلام أنا عايز العشر أنياب بتوعي...

(محدود): - عشر إيه؟!! هي هي هي...

(حيِّزَر) : - بقى هتنصب عليا يا ( ... حذفته الرقابة ... ) يا ابن الـ ( ... حذفته الرقابة بنت الـ (... حذفه المؤلف بعد ما مسك نفسه وامتنع عن سب الرقابة اللي شغالة حذف حذف!! )... )


ثم قام (حيِّزَر) متجاهلاً المومياء التي تضمد جراحه، وصرخ في (محدود):


- مش البوليس لحقنا قبل ما هو ينتفلك بقية شعرك.. أنا بقى هنتفهولك شعرة شعرة...


ثم ضحك في سخرية وبدأ يجذب شعيرات (محدود) الذي أخذ يصرخ في ألم، ويتمتم لنفسه مواسياً إياها:


- لو كان الشعر عزيز... لو كان الشعر عزيز... لو كان الشعر عزيز...............




18 يوليو 2009