السبت، 22 أغسطس 2009

نداء فانوس!


إنه رمضان حيث ينتعش عملي كثيراً، لم يعد العمل رائجاً كما كان بالماضي، لكنه ما زال مربحاً كذلك..


أرى ذلك الطفل الصغير وأنا منغمس في عملي الدقيق، ألمح عينيه الصغيرتين تلمعان نحو فانوس من المعلقين في الدكان، يشير إلى والده الذي يستجيب له مرغماً، فأقوم لأُنزل الفانوس من مكانه وأمنحه إياه بابتسامة، يفاصل معي الأب في السعر قليلاً، لكني كنت أحتاط لذلك...


أحضر خشباً جديداً من المخزن، أخرج قطعة كبيرة لكني أشعر أن لها ملمساً غريباً، إن تلك القطعة لم أرها ولم أتعامل مع مثلها من قبل!!


أنادي على مساعدي ثم أسأله: - من أين أحضرتم هذا الخشب؟!


يبتسم ابتسامة واسعة خبيثة (فهلوية) ويقول: - كان رجلاً يمر حاملاً إياها مع بعض (الكراكيب) القديمة، اشتريتها بجنيهين فقط، وكان الرجل سعيداً جداً بهما كأنما أعطيته ألف جنيه!!


أشرت له أن يذهب، سواء كان ملمسها غريباً أو كان ملمسها كملمس الحرير فإنني سأصنع منها فانوساً يأتي برزق لي ولأولادي..


أُحضر المنشار والأدوات كلها جواري، وأبدأ في العمل، ولا أدري لمَ كل هذه المتعة التي أشعر بها وأنا أخرط الخشب وأشكله، إنها ليست أول مرة أصنع فيها فانوساً!!


ألمح بطرف عيني طفلاً صغيراً تلمع عيناه على أحد الفوانيس المعلقة، ثم يشير إلى والده في إلحاح ورجاء، فيقترب والده مني لكني أقوم غاضباً وأصرخ: - لا نبيع هيا.. اذهبوا من هنا.. لا نبيع...


اندهش الرجل والحق يقال، لكنه غادر المكان كما لو كنت صفعته على قفاه، لا أدري ما الذي أصابني، أُغلق أبواب المحل كلها ونوافذه، ثم أعود بكل جوارحي لأكمل العمل في قطعة الخشب الغريبة تلك...


لا أدري هل أسمع أصوات تحدثني، أم أنني أتوهم؟! هل هذا صراخ أم أنني أرهقت نفسي في العمل؟! على كل حال لا يهم.. لأنهي هذا الفانوس وأعود لأستريح في البيت..


أنهيت تصميم الفانوس ولونته وزخرفته جيداً، ونظرت إلى الساعة لأجد سبع ساعات كاملة قد مرت، يا الله!! إن أصعب الفوانيس يأخذ مني بالكاد ساعتين، كيف مرت علىًّ سبع ساعات دون أن أشعر؟!


وقفت أمام الفانوس أتأمله.. حقاً شكله غريب، وملمسه أغرب، إنني لم أعتد أن أصمم الفوانيس بهذا الشكل، كما لو أن هناك من سخرني لأصنع له ذلك الفانوس!!


أقف أمامه ما زلت أتأمله، كأنما يأخذني إلى عوالم أخرى، عماليق، أقزام، دخان أبيض، وصراخ!!


أقترب منه وقد بدا لعيني ضخماً مهيباً، أفتح الباب الذي نمرر من خلاله الشمعة، ثم أدخل عبره و.....


انغلق الباب ورائي...


***


دخل المساعد بعدما طرق على الباب كثيراً، تساءل عن سيده ثم جال في خاطره أنه قد عاد إلى البيت، فتح أبواب المحل في بساطة اعتادها، لمح ذلك الفانوس الغريب الشكل، أطلق صفير إعجاب، ثم حمله وعلقه مع الفوانيس المعلقة...


مرَّ طفل صغير لمعت عيناه الصغيرتان نحو ذلك الفانوس الغريب، نظر إلى أبيه في رجاء، مرغماً اقترب الأب من المساعد ليشتري الفانوس، وحاول أن يفاصل معه كثيراً في السعر، لكن المساعد كان يحتاط لذلك...


إن أحداً لا يخدعه أبداً!!


***


- ألا تلاحظين أن الولد يُضيع الكثير من الوقت أمام ذلك الفانوس؟!

- يا حبيبي لا تهول الأمور، إنه طفل.. دعه يلهو...


ثم أغلقَتْ الأنوار وخلدت وزوجها في نومٍ عميق، وتركا طفلهما ما زال يرمق ذلك الفانوس غريب الشكل...


الليل جنا وهدأت الأصوات، وبدا لعيني الصغير أن الفانوس ضخماً كبيراً مهولاً كقصر منيف، وصوت ما بداخله يناديه كي يدخل...


فتح الباب ودخل في هدوء، ولم يشعر بالباب وهو ينغلق وراءه...



تمت

لو تلاحظون هناك جزءاً مكتوباً بالأبيض ثم هناك جزء صغير بالأحمر..

حين أنهيت القصة كانت النهاية مع نهاية الجزء الأبيض، لكن بعد نقاش طال مع أختي - التي لم ترضها تلك النهاية - قمت بإضافة ذلك الجزء المكتوب بالأحمر..

تُرى هل نهاية القصة بانتهاء الجزء المكتوب بالأبيض أفضل؟ أم إضافة الجزء الأحمر إلى ذلك الجزء الأبيض؟!

منتظر آرائكم...

ورمضان كريم...


22 أغسطس 2009

1 رمضان 1430

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

جاااااااااااااااااااامده يا ميسره
جو اون

واختك عندها حق

بسنت صلاح الدين يقول...

قصه جميله اوى و اختك رأيها تمام، شكلك كده هاتلاقيلك منافس فى العيله يا باشا، تحياتى ليها

أية جمال يقول...

جامده مووووووووووووت
ميه الميه اختك عندها حق

Mysara يقول...

الله يخليك يا صاصا :)

دايما كده منورني :)

Mysara يقول...

هههههههههههههههه
مش منافس يعني يا بسنت هى بتقرأ بس ملهاش في الكتابة :)

منوراني

Mysara يقول...

ميرسي ياأية :)

اختك عندها حق اوعى تقولها لأ :))

منورة يا أية