أنفلونزا الخفافيش!!

دخل (حيِّزَر) الساحر بيته مضطرباً، نادى على زوجته ثم قال لها:

- طابخة إيه انهارده؟!

قالت له الزوجة:

- لافة راس بني أدم من امبارح وعملاها محشي إنما إيه.. هتمص دمك وراه..

- إيه ده حاف كده؟

- لا عاملة معاه خفاشين..

تنهد (حيِّزَر) في راحة، ثم سقط على أقرب كرسي وهو يقول:

- أصل ريسي في الشغل عزم نفسه على الغدا عندنا انهارده..

- عزم نفسه إزاي يعني؟!

نظر لها (حيِّزَر) في شرود وقال:

- مش عارفة إزاي عزم نفسه؟!!

وعادت إليه ذكريات الصباح...

***

وصل (حيِّزَر) إلى عمله في ذلك الكهف متأخراً هذا الصباح، ما إن عبر المدخل حتى أتاه صوت الزومبي - الذي يعمل ساعياً هناك - يقول له:

- الأستاذ (زعفران) مجنن وبيسأل عليك بقاله ساعة..

لعن اليوم الذي أصبح فيه نائب الرئيس، ولعن اليوم الذي أخذ فيه مفاتيح الخزائن كلها وأصبحت عهدته، صعد إلى الدور الثاني حيث مكتب الأستاذ (زعفران) مدير الشركة، وجد بابه مفتوحاً وسمعه يتحدث في (عظمته) النقالة ويقول:

- انتي بتستعبطي يا (جرجونة)؟

ثم في غضب مستعر..

- طب مش مطلقك يا (جرجونة) حتى لو رحتي اشتكيتي لـ(لوسيفر) ذات نفسه مش لأبوكي...

ثم رمى العظمة في عنف على المكتب أمامه، فارتجف (حيِّزَر) وتنحنح قبل أن يقول:

- لو تحب حضرتك أجيلك في وقت تاني..
- كنت فين يا أستاذ؟! أنت مش عارف إن معاك مفاتيح الخزنة وإن فيها كل الأوراق؟!
- مم.. معلش.. يعني.. أصل.. ما هو بس...
- اسكت.. عقاباً ليك هتغدى عندك انهارده...

اصفرَّ وجه (حيِّزَر) في رعب وردد:

- تتغدى عندي؟!

- آه.. عندك مانع؟!

تلعثم (حيِّزَر) قبل أن يدرك نفسه ويقول:

- لا طبعاً ده أنت تنور الكهف كله يا أستاذ (زعفران)...

صمت (زعفران) وأشار له بالخروج وقبل أن يصل (حيِّزَر) إلى باب المكتب، أتاه صوت الأول يقول:

- أنا طبعاً عامل فيها بشري ومكبر قبعتي عن إنك مكتبتش مقال بقالك شهر..

ثم مال إلى الأمام وهو يكمل رافعاً سبابته في تهديد:

- عارف لو الأكل معجبنيش....

ابتلع (حيِّزَر) ريقه بصعوبة، وهو يغلق باب المكتب خلفه....

***

الساعة الثالثة عصراً بتوقيت جانب النجوم...

جلس الأستاذ (زعفران) أمام تلك الطاولة البسيطة، ووقف جواره (حيِّزَر) يترقب متوجساً...

كانت زوجته - (حيِّزَر) لا (زعفران) - بعدما علمت بأمر ذلك الغداء قد أعادت طهي الطعام بشكل جديد، ووضعت فيه كل ما تعلمته من أمها محاولةً أن تنقذ رقبة زوجها...

أخذ (زعفران) يأكل في انفعال، وبدا على وجهه الرضا، وما إن انتهى حتى امتد (كرشه) أمامه ليصطدم بالطاولة بشكل مرعب..

وأثناء شرب الدم..

(حيِّزَر): - ألف هنا وشفا يا أستاذ (زعفران)..
(زعفران): - أكل مراتك جميل جداً.. هى كانت طابخة إيه..
(حيِّزَر): - ده محشي راس بني أدم سعادتك...
(زعفران): - آه.. واللي كان في شوربة البلازما ده كان إيه؟!
(حيِّزَر) : - دي خفافيش بالخلطة السرية...

نظر له (زعفران) في رعب شديد، وأمسك بطنه بكلتا يديه وهو يردد:

- خفافيش؟! أنت قلت خفافيش؟!

(حيِّزَر) باستغراب:

- آه.. خفافيش اللي هى سودة وبتقول كوكوكو..
- أنت أغبى ساحر شفته في حياتي..

ثم أمسك بطنه في ألم وسقط على الأرض، فانتفض (حيِّزَر) وقال:

- إيه مالك يا أستاذ (زعفران)؟!
- أنت.. هف.. متعرفش.. إن.. الخفافيش.. عندها.. أنفلونزا...

ضحك (حيِّزَر) ضحكة مجلجلة وقال:

- خفافيش عندها أنفلونزا؟! والله ده أنت طلعت مسخرة يا أستاذ (زعفران) مكنتش أعرف إنك بتحب تهزر.. ده ناقص تقلي إنك مش (زعفران) وتطلع (زعفر) واحد بس...

نظر له (زعفران) في مقت وقال من تحت أسنانه:

- بتعمل فيها مش عارف.. يعني أنت كنت عايز تسمني عشان تاخد مكاني في الجرنان..

ثم نهض في صعوبة أمام عيني (حيِّزَر) المذهولتين وقال:

- وحياتك ما أنت بايت فيها تاني...

وقف (حيِّزَر) ممسكاً ببطنه في ألم، وهو يراقب مديره خارجاً في غضب، ثم سقط على الأرض فجاءت امرأته مسرعة وقالت:

- مالك يا (حيِّزَر) يا أخويا؟!
- بطني يا ولية.. مش قادر..
- طب أنت بطنك وجعاك ليه.. ده هو بس اللي كل.. وأنت مكلتش معاه..
- ما أنا عارف..
- أمال بطنك وجعاك من إيه؟!

صمت قليلاً ثم قال في ألم:

- أصل عايز أكرَّع.....

5 مايو 2009